قد لا يستطيع أحد منا أن يصمد طويلًا أمام براءة الأحباب الصغار، ما إن نراهم حتى تتلقاهم أيدينا
فنحملهم ونضمهم ونقبلهم، فترتوي نفوسنا من الحب والسرور الذى ركّبه الله فى نعمة الأبناء وجعل فى مرءاهم
مصدرا متجددا له وباعثًا على السعادة وانشراح الصدر، ولا يتم لنا ذلك إلا بكمال هيئتهم ونظافتهم وحسن
هندامهم.
وفي فصل الصيف يكثر لهو الأطفال ولعبهم، ومن ثم يكثر اتساخ ملابسهم وربما تتكاسل الأمهات في
نظافة أبنائهم بحجة أن الموضوع يصبح صعبا خاصة لو كان في الأسرة الواحدة أكثر من طفل.
وقد كانت العناية بنظافة الأبناء شأن الصالحين والصالحات فى كل زمان، خاصة القدوات من الصحابيات
فعن أبى هريرة ،t ورضي الله عنها تم بنظافة وملبس الحسن r رضى الله عنهن جميعا، فهذه فاطمة بنت النبى
فى طائفة النهار، لا يكلمني ولا أكلمه،حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى جاء r قالخرجت مع النبى
مخدع فاطمة، فقال: َأثَم لكع؟ - يعنى الحسن رضي الله عنه - فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله، أو تلبسه
سخابا، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه)[رواه البخاري ومسلم].
ونحن عندما نربي أبناءنا ونعودهم على النظافة لا ينبغى أن يكون ذلك من باب العادة الحسنة فقط، ولكن
تعبدا لله تعالى بشعيرة من شعائر الإسلام، وذلك من خلال:
التلقين المستمر للطفل لهذا المعنى، والربط بين النظافة وبين أثرها الإيماني فى أوقات الممارسة العملية
وتدريب الطفل عمليا على عادات النظافة، على النحو التالي:
-1 تعليم الطفل أن العبادات في الإسلام قائمة على النظافة الحسية والمعنوية، فدخول الإنسان فى دين الإسلام فيه الغسل للبدن، ثم التلفظ بالشهادتين، ثم بعد ذلك إقامة الصلاة لابد من التطهر قبلها بالغسل
والزكاة معناها الطهر والنماء، والصوم طهرة للنفس والبدن، والحج يلزمه التطهر ظاهرا وباطنا، وهكذا يظل العبد
المسلم دائم التطهر الحسي والمعنوي، فالنظافة إذًا هى نظام الدين وملاكه.
-2 ربط الطفل بالله تعالى من خلال تلقينه أن الله يحب الطهارة والمتطهرين: ((إِنَّ اللَّه يحِ ب الت وابِين ويحِ ب
الْ متطَ هرِين))[البقرة: 222 ]، ولذلك فهو سيكون أقرب إلى الله ويحبه الله تعالى أكثر ما دام محافظًا على النظافة، كما
يمكن للمربي أن يربط الطفل بعالم الغيب، عالم الملائكة الأطهار، الذين يحبون الريح الطيب، ويكرهون الريح
معللًا ذلك: ((فإن الملائكة تتأذى مما r الخبيث؛ ففي حديث النهي عن إتيان المسجد بريح الثوم والبصل، قال
يتأذى منه الإنس)) [متفق عليه]، فكل منظر أو ريح يتأذى منه الناس فإن الملائكة تكرهه وتتأذى منه أيضا.
القدوة الحسنة للمسلمين في كمال r فلقد كان رسول الله ،r -3 ضرب المثل والقدوة دائما للطفل بدءا بالنبي
r هيئته ونظافة بدنه، وملبسه؛ فهو أكمل بشر خلقه الله عز وجلّ، قال ابن الجوزى: (ومن تأمل خصائص الرسول
أنظف الناس، وأطيب الناس، r رآه كاملًا فى العلم والعمل، فبه يكون الإقتداء، وهو الحجة على الخلق، وقد كان
.[ وكان لا يفارقه السواك، وكان يكره أن تشم منه ريح ليست طيبة) [صيد الخاطر: 79
r واهتمامه البالغ بذلك: (وكان رسول الله ،r ويقول الإمام الترمذي رحمه الله فى وصف آخر لنظافته
يربط الحجر على بطنه من الجوع، ولا يترك الطيب، ويتعاهد أحوال نفسه، وكان لا يفارقه المرآة والسواك
والمقراض فى السفر والحضر، وكان إذا أراد أن يخرج إلى الناس نظر فى ركوة فيها ماء، فيسوي من لحيته وشعر
رأسه ويقول: ((إن الله جميل يحب الجمال)).
أطول مدة يقيم فيها الرجل دون غسل أن لا تزيد عن أسبوع واحد، فقال: ((لله تعالى على كل r ووقّت
مسلم حق أن يغتسل فى كل سبعة أيام يوما)) [رواه البخاري].
-4 تعويد الطفل الصغير على عادات النظافة ومفرداا مع المداومة والاستمرار مثل: مداومة الاغتسال، والاهتمام
بنظافة ثوبه وملبسه، فيكون دائما فى البيت، وعند الأقارب، وفى الأماكن العامة، حسن المنظر، نظيف الثياب.
-5 لا بأس من أن تكون للطفل ملابس أخرى ثخينة، داكنة الألوان، يمارس فيها لعبه ورياضته، وهذه الملابس لا
يعاقب على توسيخها، أو تفتق أجزائها من جراء اللعب، أما ملابس الخروج والجلوس فى البيت فينبغي متابعة الولد
وتوجيهه للمحافظة على نظافتها وطهارا، مع معاقبته عند الإهمال، ولا بأس بتكليفه تنظيف الجزء الذى أتلفه، أو
لوثه، ليتحمل مسئولية خطئه إن كان قد أخطأ.
-6 إذا كان الولد قد وصل إلى سن التمييز والتدريب على الصلاة في المسجد مع أبيه أو أخيه الأكبر، فإنه يعود
على غُسل الجمعة ولبس أحسن الثياب لها؛ لمشروعية ذلك ولكوا يوم عيد للمسلمين.
-7 توجيه الولد الكبير دائما إلى العناية بمظهره وما له من أثر طيب فى نفس من يراه ويتعامل معه، خاصة فى
يوصي أصحابه وهو r المناسبات الهامة مثل الأعياد والجمع وعند استقبال الضيوف أو القدوم على الناس، فقد كان
يودعهم وقد بعثهم إلى اليمن ليعلموا الناس الإسلام فقال: ((إنكم تقدمون على إخوانكم فكونوا شامة فى
الناس))[رواه أبو داود بسند حسن].
مراعاة التوازن عند تعويد الأبناء على النظافة وحب التطهر من غير إسراف أو وسوسة، فإن ذلك ربما أدى إلى
مبالغة الولد فى النظافة لدرجة الوسوسة بصورها وأشكالها المختلفة، بل يكون سلوك الوالدين فى ذلك وسطًا
معتدلًا بين النقيضين.
وأخيرا.. لعل الكثيرين منا لم يقصروا يوما فى نظافة أبنائهم، ولكن من الآن يجمعون مع العادة الطيبة النية
الحسنة فى التعبد لله تعالى بنظافة أبنائهم وبنام حتى يكون أبناؤنا دائما شامة فى الناس!!
التعليقات
فنحملهم ونضمهم ونقبلهم، فترتوي نفوسنا من الحب والسرور الذى ركّبه الله فى نعمة الأبناء وجعل فى مرءاهم
مصدرا متجددا له وباعثًا على السعادة وانشراح الصدر، ولا يتم لنا ذلك إلا بكمال هيئتهم ونظافتهم وحسن
هندامهم.
وفي فصل الصيف يكثر لهو الأطفال ولعبهم، ومن ثم يكثر اتساخ ملابسهم وربما تتكاسل الأمهات في
نظافة أبنائهم بحجة أن الموضوع يصبح صعبا خاصة لو كان في الأسرة الواحدة أكثر من طفل.
وقد كانت العناية بنظافة الأبناء شأن الصالحين والصالحات فى كل زمان، خاصة القدوات من الصحابيات
فعن أبى هريرة ،t ورضي الله عنها تم بنظافة وملبس الحسن r رضى الله عنهن جميعا، فهذه فاطمة بنت النبى
فى طائفة النهار، لا يكلمني ولا أكلمه،حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى جاء r قالخرجت مع النبى
مخدع فاطمة، فقال: َأثَم لكع؟ - يعنى الحسن رضي الله عنه - فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله، أو تلبسه
سخابا، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه)[رواه البخاري ومسلم].
ونحن عندما نربي أبناءنا ونعودهم على النظافة لا ينبغى أن يكون ذلك من باب العادة الحسنة فقط، ولكن
تعبدا لله تعالى بشعيرة من شعائر الإسلام، وذلك من خلال:
التلقين المستمر للطفل لهذا المعنى، والربط بين النظافة وبين أثرها الإيماني فى أوقات الممارسة العملية
وتدريب الطفل عمليا على عادات النظافة، على النحو التالي:
-1 تعليم الطفل أن العبادات في الإسلام قائمة على النظافة الحسية والمعنوية، فدخول الإنسان فى دين الإسلام فيه الغسل للبدن، ثم التلفظ بالشهادتين، ثم بعد ذلك إقامة الصلاة لابد من التطهر قبلها بالغسل
والزكاة معناها الطهر والنماء، والصوم طهرة للنفس والبدن، والحج يلزمه التطهر ظاهرا وباطنا، وهكذا يظل العبد
المسلم دائم التطهر الحسي والمعنوي، فالنظافة إذًا هى نظام الدين وملاكه.
-2 ربط الطفل بالله تعالى من خلال تلقينه أن الله يحب الطهارة والمتطهرين: ((إِنَّ اللَّه يحِ ب الت وابِين ويحِ ب
الْ متطَ هرِين))[البقرة: 222 ]، ولذلك فهو سيكون أقرب إلى الله ويحبه الله تعالى أكثر ما دام محافظًا على النظافة، كما
يمكن للمربي أن يربط الطفل بعالم الغيب، عالم الملائكة الأطهار، الذين يحبون الريح الطيب، ويكرهون الريح
معللًا ذلك: ((فإن الملائكة تتأذى مما r الخبيث؛ ففي حديث النهي عن إتيان المسجد بريح الثوم والبصل، قال
يتأذى منه الإنس)) [متفق عليه]، فكل منظر أو ريح يتأذى منه الناس فإن الملائكة تكرهه وتتأذى منه أيضا.
القدوة الحسنة للمسلمين في كمال r فلقد كان رسول الله ،r -3 ضرب المثل والقدوة دائما للطفل بدءا بالنبي
r هيئته ونظافة بدنه، وملبسه؛ فهو أكمل بشر خلقه الله عز وجلّ، قال ابن الجوزى: (ومن تأمل خصائص الرسول
أنظف الناس، وأطيب الناس، r رآه كاملًا فى العلم والعمل، فبه يكون الإقتداء، وهو الحجة على الخلق، وقد كان
.[ وكان لا يفارقه السواك، وكان يكره أن تشم منه ريح ليست طيبة) [صيد الخاطر: 79
r واهتمامه البالغ بذلك: (وكان رسول الله ،r ويقول الإمام الترمذي رحمه الله فى وصف آخر لنظافته
يربط الحجر على بطنه من الجوع، ولا يترك الطيب، ويتعاهد أحوال نفسه، وكان لا يفارقه المرآة والسواك
والمقراض فى السفر والحضر، وكان إذا أراد أن يخرج إلى الناس نظر فى ركوة فيها ماء، فيسوي من لحيته وشعر
رأسه ويقول: ((إن الله جميل يحب الجمال)).
أطول مدة يقيم فيها الرجل دون غسل أن لا تزيد عن أسبوع واحد، فقال: ((لله تعالى على كل r ووقّت
مسلم حق أن يغتسل فى كل سبعة أيام يوما)) [رواه البخاري].
-4 تعويد الطفل الصغير على عادات النظافة ومفرداا مع المداومة والاستمرار مثل: مداومة الاغتسال، والاهتمام
بنظافة ثوبه وملبسه، فيكون دائما فى البيت، وعند الأقارب، وفى الأماكن العامة، حسن المنظر، نظيف الثياب.
-5 لا بأس من أن تكون للطفل ملابس أخرى ثخينة، داكنة الألوان، يمارس فيها لعبه ورياضته، وهذه الملابس لا
يعاقب على توسيخها، أو تفتق أجزائها من جراء اللعب، أما ملابس الخروج والجلوس فى البيت فينبغي متابعة الولد
وتوجيهه للمحافظة على نظافتها وطهارا، مع معاقبته عند الإهمال، ولا بأس بتكليفه تنظيف الجزء الذى أتلفه، أو
لوثه، ليتحمل مسئولية خطئه إن كان قد أخطأ.
-6 إذا كان الولد قد وصل إلى سن التمييز والتدريب على الصلاة في المسجد مع أبيه أو أخيه الأكبر، فإنه يعود
على غُسل الجمعة ولبس أحسن الثياب لها؛ لمشروعية ذلك ولكوا يوم عيد للمسلمين.
-7 توجيه الولد الكبير دائما إلى العناية بمظهره وما له من أثر طيب فى نفس من يراه ويتعامل معه، خاصة فى
يوصي أصحابه وهو r المناسبات الهامة مثل الأعياد والجمع وعند استقبال الضيوف أو القدوم على الناس، فقد كان
يودعهم وقد بعثهم إلى اليمن ليعلموا الناس الإسلام فقال: ((إنكم تقدمون على إخوانكم فكونوا شامة فى
الناس))[رواه أبو داود بسند حسن].
مراعاة التوازن عند تعويد الأبناء على النظافة وحب التطهر من غير إسراف أو وسوسة، فإن ذلك ربما أدى إلى
مبالغة الولد فى النظافة لدرجة الوسوسة بصورها وأشكالها المختلفة، بل يكون سلوك الوالدين فى ذلك وسطًا
معتدلًا بين النقيضين.
وأخيرا.. لعل الكثيرين منا لم يقصروا يوما فى نظافة أبنائهم، ولكن من الآن يجمعون مع العادة الطيبة النية
الحسنة فى التعبد لله تعالى بنظافة أبنائهم وبنام حتى يكون أبناؤنا دائما شامة فى الناس!!
التعليقات